
خلال العشرية الماضية عبّدت الدولة أضعاف ما عُبّد من الطرق منذ الاستقلال إلى 2008م و هذا معلوم لا ينكره إلا مكابر و قد شمل ذلك التعبيد ربط كل المقاطعات و الولايات بالشبكة الطرقية الوطنية و استثمرت الدولة في القطاع المليارات و من الكوادر البشرية العشرات و لا غرابة في ذلك و لا منّة على المواطن ..فيجب عليها كأيّ دولة أن تواصل تلك الجهود في تشييد الطرق المعبّدة لصالح المواطنين في الداخل و حياتهم الاقتصادية و فكّ العزلة عنهم و عن مناطقهم و لكن للأسف يقول المنطق السليم أنه مع كل زيادة للطرق في أي دولة تزداد تلقائيا الحوادث الطرقية بشكل منطقي و طبيعي يدركه كل ذي عقل و لا مناص منه كما لا مناص من سقوط طائرة مدنية أحيانا تحمل المئات من الأشخاص و من أقوى دوّل العالم و هذا حسب ما لمست يتجاهله بعض رواد هذا الفضاء لأغراض لا تفسير لها غير أنها سياسية خالصة في لحظة استغلال لمشاعر الناس و الرقص على الأشلاء في حملة سابقة لأوانها..
إن القفز على الأشلاء لصناعة منهم مادة سياسة لمواجهة الخصوم هي أعظم خطيئة يرتكبها المواطن في حقّ و طنه و مواطنيه و هي قلب للحقائق و لبس لعباءة النصح المشبوه لمن عرفوا بالمواقف "المعارِضة مطلقا" إن ذلك تبطين للنيات عن قصد و ستر لها مكشوف.
و كأن هنالك جهات حكومية ترعى هذه الحوادث..أو هنالك دولة متقدمة استطاعت منعها من الوقوع أو هنالك نظام هو من تعمّد ذلك... يؤسفني أن يصل المنطق لدى هؤلاء إلى هذا المستوى أو تصل الدعاية السياسية في بلدي إلى استغلال الحوادث الطرقية و مشاعر الناس و صنع الدعاية السياسة على أشلاء الموتى..
الجميع يأسف لأي ضحية سواء كان معارضا أو مواليا مواطنا أو أجنبيا لأنه ببساطة "إنسان" من هذا الوطن الغالي أو إنسان قادم إليه و لكن هذه الحوادث مع كل أسف جزء من حتميات الطرق التي لا مفرّ منها أبدا..
لن تجد من هؤلاء من يسأل عن سبب الحادث أو يهمّه أو على علم بسببه لأنه في حالة عثور على صيد ثمين هو "حادث"للأسف.. في حالة استغلال و فرصة إلى تحميل الحكومة مسؤولية ذلك..
نحن أيضا نريد الحكومة أن تتحمّل مسؤولياتها تجاه المواطنين و ندعوها لذلك..
و لكن ليس من باب استغلال الأشلاء و الدماء لنهاجمها... نحن أمة في جوّ حرّ ديمقراطي يمكن لأي شخص أن يهاجم الحكومة بدون تكلّف سببٍ لذلك أو بدون الترجّي لوقوع حادث ما، أو تمنّي ذلك حتى تتمّ مهاجمة الحكومة أو تلفيق دعايات ضدها..و لكل مواطن الحق في نقد الحكومة و لكن بشرط أن يكون نقدا بنّاء هادفا مما ينفع الناس و يمكث في الأرض..
أما تلبيس الحق بالباطل و الخلط بين المواقف السياسية من الحكومات و أحداث السير في حالة استغلال واضح للأموات فذلك أمر يمجّه ذو الذوق السليم و تأباه الفطرة الصحيحة و نحن نرفضه رفضا باتّا ...
رجائي من كتابنا و مدوّنينا أن لا يلعبوا تلك اللعبة الاستغلالية التي لا تنطلي على فدْم أحمق أحرى من وهبه الله نور البصيرة و سلامة المنطق و هم كثر في هذه البلاد لله الحمد..